يستأنف النادي الإفريقي عشيّة اليوم الأربعاء تمارينه تحت إشراف المدرّب «منذر كبيّر» ومساعده «محمّد المكشّر» وذلك بعد قرار الهيئة المديرة بالتخلّي عن خدمات المدرّب الفرنسي «لاندري شوفان» ومساعده «آريك آتا آفولابي» على إثر النتائج السلبيّة الأخيرة للفريق والهزيمة التي ألحقها القوافل الرياضيّة بقفصة بنادي باب جديد لأوّل مرّة في تاريخ مواجهات الفريقين… إقرار بالفشل.. إقالة المدرّب «لاندري شوفان» كانت منتظرة منذ أوّل الأسابيع التي أتت به لحديقة «منير القبايلي»، حيث أنّ تاريخ المدرّب ومسيرته في الدرجة الثانية الفرنسيّة تعطي أوّل المؤشّرات وتطرح التساؤلات حول المقاييس التي إعتمدها رئيس الإفريقي للإستنجاد بخدماته مكان الهولندي «آدري كوستر». الذي نجح في تصدّر الترتيب رغم النقائص على المستوى الهجومي بعدم تواجد هدّافين في الخطّ الأمامي على عكس «شوفان» الذي لقي فريقا معزّزا بالتشادي «ايزيكال»… ودون الخوض في تقييم المدرّبين وطريقة اللعب وغيرها من الأمور الفنّية، يمكن القول بأنّ الرقم القياسي للمدرّبين الذين توافدو على قلعة الإفريقي يعتبر في حدّ ذاته إقرارا بالفشل وتأكيدا لسياسة الهروب إلى الأمام وتطبيقا حرفيّا لما يسمّى بالـ «قعباجي» الإداري. وهذا ما تبيّن منذ بداية مرحلة الإياب بعد الإتفاق مع المدير الفنّي «منذر كبيّر» للإنضمام للكتيبة الفنّية للنادي، ففي ظاهر الحكاية كان الأمر شكلا من أشكال التعزيز البشري وإيهام المتابعين بأنّ الهيئة المديرة تتحرّك حسب المخطّطات طويلة المدى والإستراتيجيات المدروسة. لكنّ باطن الحكاية، هو تحضير لتغيير جديد بعد أسبوعين من انتداب المدرّب «شوفان» وهذا يدخل في مزاجيّة الرئيس وأفكاره الخريفيّة المتقلّبة. وقد سبق أن أشرنا منذ أوّل أيّام استقدام «الكبيّر» للحديقة بأنّه سيكون المدرّب القادم للإفريقي بعد أسابيع في شكل عمليّة انقلاب بيضاء على دكّة البدلاء. وهذا بدوره ما يعتبر أكبر دليل على فشل الهيئة المديرة في تركيز منظومة عمل على المدى الطويل وخارطة طريق تصل بالإفريقي إلى برّ الأمان مع تقدّم الزمان. وقد سبق وتحدّثنا عن أنّ هيئة الفريق ستكسب التحدّي في صورة محافظتها على مدرّبها «كوستر» طيلة الموسم ومن ثمّ تقرّ بالمواصلة أو التغيير حسب النتائج والأهداف، لكنّ فاقد الشيء لا يعطيه… مسكّنات للجماهير.. جماهير الإفريقي من جهتها عبّرت عن مطالبها وغضبها من سياسة الهيئة المديرة بعيدا عن الدخول في الأمور الفنّية، حيث لم ترتكز تحرّكات الجماهير في الحديقة في الأسبوع الأخير واحتجاجها على خطط تكتيكيّة أو مردود لاعبين أو بصمة مدرّب، بل كان السبب الأوّل في احتجاجها هو الوعود التي أقرّها رئيس النادي منذ قدومه على رأس الإفريقي في جوان 2012… فئة هامّة من جماهير الفريق أصبحت تعي جيّدا أنّ مشكل النادي يكمن في الهيكلة وسوء التصرّف لا في اللاعبين والمدرّبين لأنّ ذلك في حدّ ذاته موضوع آخر… من جهتها واصلت هيئة الإفريقي سياسة «الحرابش» معتبرة أنّ تغيير المدرّب وإقالة «شوفان» ستخمد ولو بشكل نسبي نار الإحتجاجات والطلبات، وهذا ما سيتواصل من خلال سياسة المكتب الإعلامي لرئيس النادي الذي انطلق في تسريب المسكّنات كما جرت العادة والكلّ يذكر سلسلة المفاجآت الوهميّة التي لم نر منها غير الأسطر والعناوين على غرار المركّب العصري والملعب والهيئة التنفيذيّة والحافلة والعصفور النادر… الإستغناء عن «قوبعة» ؟ وعلى سبيل المسكّنات، يصرّ البعض على تسريب أخبار مفادها أنّ رئيس النادي سليم الرياحي قد استغنى عن خدمات عضده الأيمن «مراد قوبعة» وذلك استجابة لأبرز طلبات الأحبّاء في ظاهر الحكاية، لكنّ الأمر لا يعدو مجرّد استخفاف بعقول المتابعين ومسكّنا لأصوات المحتجيّن. فالرّياحي كان يؤكّد في كلّ مناسبة وكلّ تصريح بأنّ لا وجود ولا دور لـ «قوبعة» في الفريق واستمرّ في تأكيد ذلك رغم اليقين الذي يدركه كلّ المتابعين لكواليس التسيير بنادي باب جديد لدور الرجل الذي لا يمكن أن يكون معزولا عن تسيير بعض دواليب شركات الرئيس ومشاريعه بما في ذلك ما يتعلّق بالنادي الإفريقي. لكنّ بحكم أنّ الفترة الحاليّة تعتبر بيضاء ولن تحتمل مزيد التغييرات أو الإنتدابات، سيتمّ إيهام المتابعين بأنّ الرئيس استغنى على حاشيته ورضخ لطلبات جماهيره… وإذا شئنا التطرّق إلى هذا الموضوع دون تأويلات، فإنّ ذلك ستبيّنه الأيّام القادمة وما ستشهده من تطوّرات… تغيير المدرّب والأهداف.. ورغم أنّ بطولة كرة القدم مازالت لم تحسم مصيرها بعد ولم تعلن عن ترتيبها النهائي قبل عشر جولات أخيرة، إلّا أنّ خارطة الترتيب أصبحت واضحة المعالم نسبيّا ومنطقيّا بعيدا عن التقلّبات الممكنة في قادم الجولات. وبالنظر إلى مركز الإفريقي في جدول الترتيب والفارق الذي يبعده عن المتصدّر، إضافة إلى التحاق كلّ من النجم الساحلي والنادي الصفاقسي للمنافسة على مركز الوصيف، سيكون المدرّب الجديد «منذر الكبيّر» أمام تحدّي وأهداف جديدة أبرزها ضمان المركز الثاني المرشحّ لدوري رابطة الأبطال الإفريقيّة وذلك لحفظ ماء الوجه وللخروج بأخفّ الأضرار من بطولة كان الإفريقي أبرز المرشّحين لإختطافها هذا الموسم، بالنظر إلى فيلق اللاعبين المنتدبين في الصائفة الفارطة والأموال الطائلة التي أنفقها رئيس النادي على فريق الأكابر… منطقيّا، سيكون الإفريقي ومدربه الجديد أمام فرصة تحقيق إنجاز يحسب في صورة إنهاء الموسم في مركز الوصيف، لأنّ ذلك دون شكّ سيزيد في حجم الطموحات خلال الموسم القادم بدخول الفريق في مغامرة إفريقيّة جديدة غاب عنها منذ ثلاث مواسم… محمد علي الهدّاجي . . .